منذ اكتشاف العثمانيين لمشروب القهوة قبل خمسة قرون، ثم شيوعها وانتشارها بأوروبا والشرق الأوسط والأميركتين وفي مختلف أرجاء المعمورة، ومئات الملايين من البشر يبدؤون يومهم عادة بفنجان من المحبوبة السمراء الساخنة التي يتصاعد بخارها ورائحتها الساحرة كل صباح.
ورغم الاختلاف القائم حول فوائد القهوة ومضارها، فإن عددًا من الأبحاث والدراسات السابقة قد أثبتت أن لها فوائد عديدة، فهي تحتوي على مغذيات عديدة مفيدة مثل الكالسيوم، وكذلك مئات من المركبات الغذائية النشطة بيولوجيًّا مثل البوليفينولات وغيرها من مضادات الأكسدة المقاومة للجذور الحرة الممرضة.
بل إن الأميركيين مثلاً يعتمدون على مشروب القهوة في الحصول على حوالي 70% من مضادات الأكسدة التي يحتاجونها. وكانت بعض الدراسات قد ربطت أيضًا بين استهلاك القهوة وبين فوائد صحية لمرضى النوع الثاني من مرض البول السكري، من حيث خفض مخاطره ومضاعفاته والمساعدة في السيطرة على مستويات سكر الدم.
قطع الشك باليقين
وفي سياق حسم مسألة ما إذا كان هذا الارتباط المفيد لمرضى السكري سببيًّا وليس عرضيًّا، أي أن استعمال القهوة سبب لحصول الفوائد، كان لا بد من دراسات تجريبية تدخلية لعدد كاف من مرضى السكري ومن غيرهم الأصحاء بوصفهم مجموعة للضبط والمقارنة.
وقد نتج عن هذه الجهود العلمية المبذولة في هذا السبيل دراستان سوف تنشران في عدد شهر أبريل/ نيسان القادم من الدورية الطبية المتخصصة "المجلة الأميركية للتغذية الإكلينيكية (السريرية)".
وقد أجريت هاتان الدراستان لرصد واستخلاص وتقديم معلومات إضافية محققة بشأن الفوائد الصحية المحتملة للقهوة. فهناك حاجة حقيقية لمثل هذه الدراسات التجريبية التدخلية الدقيقة من أجل فهم أكثر اكتمالاً لآليات عمل القهوة ومركباتها بيولوجيًّا.
وتقول الدكتورة شيلي مكغواير، الأخصائية والباحثة بعلوم التغذية والمتحدثة نيابة عن الجمعية الأميركية للتغذية (ASN)، إنّ دراستي كل من كيمف وسرتوريلّي وفريقيهما تقدمان إضافات هامة إلى الأدبيات العلمية المتنامية حول فوائد فنجان قهوة الصباح الساخنة المتصاعد بخارها، في المساعدة على استدامة صحة جيدة للمستهلك.
غذاء الأجيال
وتضيف الدكتورة مكغواير، أنها بالرغم من كونها عالمة وباحثة في التغذية، ولا تعتمد إلا ما يقوم عليه الدليل العلمي التجريبي، فإنها لا تزال تثق بفوائد وجودة الأطعمة والمشروبات التي هي جزء من ثقافة أجيال متتابعة، أو على الأقل لا ترى ضررا فيها لدى استهلاكها بشكل معتدل.
وتشير الباحثة باهتمام خاص إلى دراسة تجريبية تحت ضبط وسيطرة جيدة، تؤكد حصيلتها أن استهلاك القهوة يمكن أن يقلل الالتهابات المزمنة، بل يزيد مستويات الكولسترول النافع. وتؤكد أنها ستستمتع بقهوتها في الأيام القادمة أكثر مما كانت تفعل في السابق.
يشار إلى أن دراسة كيمف وفريقه التجريبية الإكلينيكية، تناولت "تأثيرات استهلاك القهوة على الالتهابات وعوامل المخاطر الأخرى بالنسبة لمرضى النوع الثاني من البول السكري".
أما دراسة سرتوريلي وفريقه فتدور حول "التأثيرات المتفاوتة لاستهلاك القهوة على مخاطر الإصابة بالنوع الثاني من البول السكري بالنسبة لعينة سكانية من المستهلكات الفرنسيات".
يشار إلى أن المؤرخين يذكرون أن السفير العثماني في باريس بالقرن السادس عشر كان أول من أحضر البن إلى فرنسا، وعرّف
الفرنسيين على مشروب القهوة الساخنة، ومن يومها بدأ عشق الفرنسيين للقهوة، ولم يحتل أي مشروب آخر الأهمية التي يولونها لها.
الجزيرة