تابِعْ / الرَّماد الأوُل : [ مصطفى ]
أعشقها بينِي وبين قلبي ، كيف أصل إليها
إلى عالمها البعيد ، إلى الجسور الممتدَّة
إلى محيطاتها العميقة
كيف أأخذها من عمق الألم
مِن " أكوام " الحُزن
من جبرُوت الأب
من صومعة الفقْر اللعيِنْ
إشراقة فريدَة من نوعها تبددّ الألمْ الذِي أحتوى كيانِي حينٌ مِن الدَّهر !
عنوان منزل عمّي
مقرّ عمله
و بعضٌ مِنْ الأحجيِات القرِيب حلَّها إذاً ...
أستجمعتُ قواي فِي التفكيِر
و وضعتُ الأسئلة الهَّامة جداً على طاولِة الإحتمالاتْ
لِما رفض أبي - رحمه الله - إن تكون علاقتنَا بينه وبين عمِي ( محمد ) منقطعَة أبد الآبديِنْ ؟
ولما كان وجهُ أمِي يحتقنْ حيِن ما نسأل إين " حنَان " وعمي ؟ لمَ لا تزُورنا ؟
إين يسكنون الآن ؟
كل الذِي أعرفه عنها إنها تقطنُ في أحد الأحياء الفقيرَة ، في البيُوت المتهالكَة .. وبحكِم عمل عمّي فمن المُؤكد إن دخلهُ محدود جداً ،
الحل بِحُوزة أختِي [ منال ] من المؤكِد إنها تعرف ولو الشِيء اليسيِر عن ما أبحث عنه من مدَّة ، فهِي كانت آنذاك تبلغ من العمر 25 سنة ومن الطبيعي إن لا أحد سيخفي عليها شيء كهذا .. !!
- ( أمسكت بسماعة الهاتف بأمل كبيِر ) : مرحبا ،
- مرحبتين ، عاش من سمع هالصوت
- أخبارك منال ؟
- بخير الحمدلله ، أنت أخبارك ؟ وش مسوي ، طمني عليك
- بخير وياك
- ( بممازحة ) مو من عادتك تدق تسأل ^_^
- يعني تهقين فيني شي ؟
- ههه إي يمكن ، وش صاير
- بس ودي أستفسر منك عن سالفة قديمة ، ويمكن تكوني عارفتها
- سالفة قديمة ! بخصوص مين ؟!
- بخصوص عمي محمد
- ( بإرتباك ) إي عمي محمد !؟
- منال مو معقولة نسيتيه وترى كلها خمس سنوات أظن كنتي أكبر منَّا كلنا !! و مصطفى الصغير كبر وإذا قبل كان عمري 15 سنة وممكن ماكان عندي الجرأة على الإلحاح الحين عمري عشرين سنة وفي بالي ألف سؤال عليها .. يعني تدري لو كنت أصغر حتى من 15 سنة راح أتذكر ؟ تبيني أقول لك التفاصيل الصغيرة قبل عشر سنوات وأكثر ؟ تراها خمس سنوات يا منال لمتى أنتي وأمي رافضين تعطونا إجابة نقتنع فيها ؟
- ( بعصبية ) : مصطفى أنت مو فاهم ! والموضوع أكبر من إنك تتخيله ، ماراح أقدر أشرحه لك بيوم وليلة
- مو مشكلة ، إذا مو حابة تساعديني أنا أعرف كيف أجيب المعلومات بنفسي ومن محمد عمي نفسه ، و على فكرة أنا عرفت وين يشتغل .. " فراش بالمدرسة الثانوية " ، وكذا مرة أروح عند المدرسة من عرفت هالشي وأجي أبي أسلم عليه بس أتذكر رفضكم له ، ورفضكم حتى إنكم تسمعون طاريهم .. وأتراجع !
- يالله مصطفى لا تتهور ، والله بفهمك كل شي بس مو بالسرعة اللي أنت تتخيلها
- خمس سنوات يا منال وأنا أسأل ، و الكل يسأل ، ومانلقى إجابة ! متخيلة عمي كيف كان معانا ؟ متخيلة كيف كانت علاقتنا ؟ وكيف كنا ببيت واحد ؟ وفجأة وبدون سابق إنذار رجعتنا من سوريا مالقينا لهم أثر واحد !
كل شي أختفى ، حتى غرفهم تبدلت !!!
- مصطفى ، تلفت لي أعصابي .. زوجي راح يجي من الدوام بعد شوي وأنا ماجهزت الغدا
- ماعليه بخليك الحين ، بس أوعديني إن بتقولي لي على السالفة كلها
- أوعدك
- متى ؟
- بالوقت اللي يناسبك ، حتى لو الليلة ..
- خلاص الليلة بس نطلع بإي مكان غير بيتنا ، لا تلاحظ أمي
- أوكي صار ، أشوفك على خير
- مع السلامة ..
( قفلت من عندها ، و إتصلت على عبدالله ولد عمي علي )
- أهلين عبود
- هلا فيك مصطيف
- دقيت على منال أختي اليوم و ....
- ( بمقاطعة ) : خليك على الخط حبيبي لحظة بس جايني إتصال
- بسرعه إخلص
بِ المكالمة البسيطة دار هالكلام بين عبدالله و المتصل :
- شفيك حبيبي ، خفت عليك .. ليش مقفل جوالك البارح
- معليش عندي مكالمة مهمّة وبعدين برجع أكلمك
- طيب أنتظرك
- باي
( و بعد ما أنهى المكالمة البسيطة ، رجع لـ مصطفى يكلمه ..
- إيه كمّل
- اللي صار إن كلمت منال أختي وأصريّت أسمع موضوع عمي
- طيب .. وش ردت عليك ؟ عسى ما أنكرت بس !
- إلا حاولت تنكر بس بالنهاية وافقت تعترف لي بكل شي
- خلاص أول ماتفهمك السالفة تدق عليّ
- إن شاء الله ، مع السلامه
- بحفظه ..
أغلق الخط ، و مباشرةً رجع يتصل عبدالله :
- سوري تأخرت عليك
- وش فيك البارح ؟ ليش قفلت جوالك ؟
- ( يغير نبرة صوته للهدوء ) كنت بالمستشفى
- مستشفى ؟ ليش ؟ وش فيك ؟ سلامات
- الله يسلمك بس حسيت بسخونة خفيفة ورحت
- ماتشوف شر حبيبي
- ( بنبرة جافّة ) الشر مايجيك ،
- أنا كنت البارح داقّة أبي أقول لك شي مهم عبدالله
- تفضلي
- تتذكر الرقم اللي طلبته مني حق صديقتي خولة ؟
- إيه وش فيه ؟
- بصراحة هالرقم رقمي الثاني وما أستخدمه ووحده من زميلاتي شفتها بزواج قبل فترة و أشترته من عندي بمبلغ بسيط
- وش قصدك من هالكلام ؟
- قصدي إني غرت وما صدقت إنك تبيه عشان تعرفّها على ولد عمك
- حلو حلو تشكين فيني يعني ؟
- لا ما أشك فيك بس
- بس شنو ؟ بتصيحين الحين وبتبررين كلامك ؟
- والله ماسويت هالشي إلا من حبي لك
- وليش بعتين الرقم وحدة ثانية ؟ مو المفروض تخلينه عندك تتأكدين إذا أنا خاين أو لا ؟
- ماقدرت ، خفت أخليه عندي وأشوف شي ما أتوقعه ، خفت ولد عمك صحيح اللي يبيه وأحس إني ظلمتك
- تبي الصراحة يا نور ؟
- ( بخوف ) ..... شنو ؟
- أنا بقول لك بكل صراحة إنتي إنسانة - إمعه - وكل اللي تسويه خوله تسوينه وطول ما أكلمك وأنتي توصفين لي إنجازاتها وأحياناً أشوفك تبالغين في مدحها ، حتى لما قلتي لي إنها أنقبلت بالجامعة وسألتك مو خولة قدوتك ؟ ليش ماصرتين معاها بالجامعة .. تتذكرين وش رديتي عليّ ؟
- وش قصدك من سؤالك ؟
- جاوبيني نور ، وش كنتي تردين علي ؟
- ( صمـت ) !!
- أنا أذكرك ، كنتي تقولين خولة طموحة و تشوف المستقبل ، و إنك تبين تعيشين يومك بس ببساطته .. لما شفت الفرق بينك وبينها تيقنت إنك وحدة بس حابة تقضين اليوم معاي وبكرة تقول لي بعيش يومي مع غيرك
- عبدالله أنا أحبك ، وش دخل الحُب في الطموح و الدراسة !
- وأنا حبيت أشياء تافهة تناسب رغباتي وقتها ، صوتك وشكلك و حبيت إنك تسمعين لي بوقت ماكان فيه أحد يسمعني ، والقهر إن كل شي أبي أخذ رايك فيه تعطيني إياه بعد مدّة لأنك ناقشتين إستاذتك خولة فيه ؟ وكل خطوة تسوينها كانت خولة مأمرتك فيها !
كنت أحب رزانتها لأن شفتها فيك أنتي و أنتي اللي سمحتيِن لقلبي يهوى هالإنسانة ، و لعقلي يحترم تفكيرها ..
- مو فاهمة عليك عبدالله ، والله حراااااااام أنا أحبك و أقسم بالله أحبك وما أشوف بهالدنيا غير حبك
- الله يستر عليك يابنت الناس
- عبدالله الكلام اللي تقوله كبير ، والله مو متحملة أسمعه ولا مصدقة ولا توقعت يوم يصدر منك هالكلام وكان رفضت تكلمني من هذاك اليوم مو الحين بعد سنتين جاي تقول لي
- نور، أنا غلطت لمّا أخذت رقمك ولا تنسين كيف كنتي تجيني من ناحية روان بنت عمي وكنتي مصرّة أكلمك و هذا الشي من من زمان ..
كنت صغير وماكنت واعي لهالشيء ، مابي أظلمك معاي وروحي بسبيلك يابنت الناس
- أحس نفسي منهارررة ومو عارفة أتكلم ، أقدر أكلمك وقت ثاني نتفاهم ؟
- على إيش نتفاهم ؟ أقول لك ما أبيييك خلاص ، ومافيه تفاهم بينّا
- عبدالله لاتصير أنت والزمن ضدي أنا صحيح أرخصت نفسي بس والله أحبك ومافكرت أحب غيرك ثاني .. والله يخليك الرقم والله مو حق خولة أنا بعته على وحدة من البنات وإذا حاب تتأكد تأكد بس بدون ماتجيب طاري لإسمي
- عارف إنّه حق خولة ، لأنها محترمة ومافكرت حتى ترد عليّ بغير مسج " من أنت ؟ " و ليومك هذا وأنا صار لي أسبوع أتصل بس ماترفع ..
- عمرك ماصدقتني بس والله العظيم مو لخولة وقلت لك أتأكد ولو لخولة ما قلت لك
- هذي مو سالفتنا الحين وأنتي أحذفي هالرقم وأنسي عبدالله ، فاهمه ؟
- ( تصيح بهستيرية )
- باي
( كسرت الشريحة بكل قهر ، وأخيراً أفتكيت منها هالعلة والله مادري كيف صرت مجنون هذيك اللحظة وسمحت لنفسي أكلمها .. خولة وبس ، وإذا ما أوصل لها من الباب ما أكون عبود )
.......................
* هذا المفروض البارٍت الأول ، بس أعتذر من الجميِعْ
طلعت البارح وماقدرت أدخل إلا الحيِن ..
،
لِي عوٍدة بـ الرَّماد الثانِيْ
.........